المتسول الأخرس في لبنان
انت في الصفحة 1 من صفحتين
قصة حقيقية ....
المتسول الأخرس في لبنان
في أثناء الحړب الأهلية 1990 1975 كان يتنقل في بعض شوارع بيروت رجل متسول رث الثياب كريه الرائحة ۏسخ الوجه واليدين حافي القدمين أشعث شعر الرأس واللحية وهو فوق ذلك أبكم أخرس لم يكن يملك ذلك المتسول الأخرس سوى معطف طويل أسود بائس ممزق قذر يلبسه صيفا شتاءا.
وكان بعض أهل بيروت الطيبين يتصدقون على ذلك المتسول الأخرس ويلاطفونه كان عفيف النفس إلى حد كبير فإن تصدق عليه أحدهم برغيف خبز قبل منه وإن تصدق عليه بربطة خبز عشرة أرغفة لم يقبل وإن أعطاه أحدهم كأس شاي قبل منه وإن أعطاه مالا لم يقبل وإن أعطاه أحدهم سېجارة قبل منه وإن أعطاه علبة 20 سېجارة لم يقبل كان دائم البسمة مشرق الوجه مؤدبا لطيفا مع الصغير والكبير.
كانت الحړب الأهلية الطاحنة ما زالت مستعرة وكان الحديث عن ظروف الاجتياح وأخبار الناس وأحوالهم .
ودخل الجيش بيروت واجتاحها من عدة محاور ولاقى أثناء تقدمه البطيء مقاومة شرسة من أهلها الأبطال وعانى أهل بيروت من القصف الۏحشي والقنص المخيف والقذائف المدمرة واستغرق ذلك عدة أشهر بينما كان المتسول الأخرس غير عابئ بكل ما يجري حوله وكأنه يعيش في عالم آخر.
ومع اشتداد ضراوة الحړب ووصول طلائع الجيش إلى بيروت الغربية يئس الناس من المتسول الأخرس فتركوه لشأنه ووقف بعضهم عند زوايا الطرق وأبواب الأبنية يراقبون مصيره.
وتقدمت جحافل الجيش واقتربت من المتسول الأخرس عربة عسكرية مصفحة تابعة للمهمات الخاصة وترجل منها ثلاثة ضباط واحد برتبة مقدم واثنان برتبة نقيب ومعهم خمسة جنود ومن ورائهم عدة عربات مدججة بالعتاد مليئة بالجنود.
كان الجو رهيبا مليئا بالړعب والمكان مليئ بالچثث والقتل ورائحة الډم ودخان البارود تنبعث من كل مكان.
تقدموا جميعا من المتسول الأخرس وهو مستلق على الأرض غير مبال بكل ما يجري حوله وكأنه يستمع إلى سيمفونية بيتهوفن القدر يقرع الباب .
وعندما صاروا على بعد خطوتين منه انتصب قائما ورفع رأسه إلى الأعلى كمن يستقبل المۏت سعيدا رفع المقدم يده نحو رأسه وأدى التحية العسكرية للمتسول الأخرس قائلا
باسم جيش الدفاع أحييكم سيدي الكولونيل