ملك الملوك
كان ملك من الملوك معروفا بالخير والصلاح, وذات يوم كان يسير في موكبه مع وزرائه وحاشيته فرأى رجلين من اهل الدين والتقوى والصلاح يسيران في الطريق, فنزل من حصانه الى الارض وسلم عليهما وصافحهما و حياهما فاغتاظ وزراؤه من ذلك. وذهبوا الى شقيق الملك وقالوا له:
ان الملك حقر نفسه ونزل من حصانه وسلم على رجلين ليسا من اهل المال اوالجاه. وانما هما رجلان عاديان من عامه الناس , فنرجو ان تخبر الملك ان مثل هذا الامر لا يليق به.
انتظر وسأعطيك الجواب غدا.
وفي صباح اليوم الثاني أخبر الملك المنادي ان ينطلق الى شوارع المدينه ويعلن عن اعدام شقيق الملك, وفعل المنادي ما أمره الملك به, فاندهش الناس وقامت النوائح في دار شقيق الملك الذي اخذه الجنود الى قصر اخيه لغرض اعدامه امام الوزراء وكبار رجال الدوله وجمع كبير من الناس.
ايها السفيه انك جزعت وبكيت وتوسلت من منادي اخيك الملك الذي هو انسان مثلك مع علمك انك لم ترتكب ذنبا تستحق عليه المۏت والاعډام, فكيف تلومني وتعاتبني على نزولي من فرسي لأسلم على رجلين صالحين من أهل الدين والتقوى, فكيف ساعتذر اذا جاءني منادي ربي واخذني الى جهنم لتكبري على عباد الله الصالحين؟ثم تابع الملك كلامه :
وهنا سكت الجميع بانتظار ما سيقوله الملك الصالح, ووسط هذا الانتظار والسكوت امر الملك خادمه باحضار صندوقين, وجاء الخادم بالصندوقين ووضعهما امام انظار الجميع, وكان احد الصندوقين مصنوعا من الذهب والاحجار الكريمه والاخر مصنوعا من خشب الاشجار العادي. وعندهاسأل الملك جميع الحاضرين:
فأجاب الجميع:
ان الصندوق المصنوع من الذهب واللؤلؤ والياقوت أثمن من الصندوق المصنوع من خشب الاشجار بكثير, ولا توجد نسبه بين ثمن الصندوقين.
وبعد ان سمع الملك جوابهم امر احد خدامه ان يفتح صندوق الخشب, وما ان فتحه حتى فاحت منه رائحه المسک والعنبر والعطور الطيبة, ونظر الحاضرون الى داخل الصندوق فوجدوه مملوءا بالذهب والدرر والؤلؤ والياقوت والاحجار الكريمه والمجوهرات بحيث يخرج منه ضوء يسر الناظرين , فتعجب الجميع. ثم امر الملك بفتح الصندوق المصنوع من الذهب فخرجت منه رائحه كريهة وكان مملوءا بالقاذورات, فټأذى الجميع من رائحته.
ان المؤمن كصندوق الخشب لا يعطيه الجاهل ثمنا, لانه يجهل ما في صدره وعقله من حكمه وصلاح وخير للناس والدنيا , والمتكبر وصاحب المال الذي لا ينفق منه على عباد الله ،والملك الجبار ،والوزير الظالم مثله كصندوق الذهب الذي يعجبك منظره , ولكن حقيقته وصدره ورأسه مملوء بأمثال هذه القاذورات والروائح الكريهة.
وهنا تعجب الحاضرون جميعا من حكمة الملك واعتذروا منه بعد ان عرفوا حقيقه الامر.
فضلا وليس امرا اترك اثر تؤجر عليه