مكان اشتهر بالصيد
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك مكان اشتهر بالصيد، فكان يذهب إليه كل الصيادين من كل فج عميق؛ كان يوجد بهذا المكان شجرة ذات أصل وكان بها الكثير من الغصون والأوراق والوريقات الملتفة، وبين هذه الغصون الكثيفة كان يوجد وكرا لغراب، وذات يوم كان الغراب يستشهد المكان وكل ما حوله وفجأة لاحظ رجلا غريبا قبيح الهيئة وحاد الطباع وعلى كتفه شبكة صيد، وكنت بيده عصا وقد أقبل إلى الشجرة، فقال الغراب في نفسه: “ما جاء بهذا الرجل إلى هذه الشجرة إلا أمرا، وسأنظر في أمره حتى أعلم أمره”.
أول ما وصل الصياد تحت الشجرة فرد شبكته ونثر من فوقها الحب واختبأ في مكان غير مريء ولكنه كان قريب، وحالفه الحظ ولم ينتظر طويلا حتى جاءت حمامة ومعها سربها بأكمله، كُنّ قد رأين الحب المتناثر ولكنهن لم يبصرن بعد الفخ الذي نصبه الصياد بشبكته، وجميعهن وقعن في الفخ المنصوب، فرح الصياد فرحا شديدا، انشغلت كل حمامة منهن بمحاولة الهرب بأن تفلت نفسها مما وقعت فيه، لكن الحمامة الكبيرة أخبرتهن قائلة:
“لا تنشغل كل واحدة منا بتخليص نفسها دونا عن غيرها، فلنتعاون جميعا على تخليص أنفسنا بكل همة ونشاط ودون تخاذل، ولعل عملنا جماعة ينجينا جميعا من هذا الفخ اللعېن”.
وبالفعل نجحن جميعا في الإفلات، فقد اقتلعن شبكة الصيد وتمكنن من الطير بها بعيدا عن شرك ذلك الصياد الماكر، ولكن الصياد مازال متمسكا بصيده الثمين فتبع الحمامات ظنا منه بأنهن سيتعبن قريبا لثقل الشبكة المعلقة بهن،
في ذلك الوقت أصر الغراب على معرفة ما سيحدث للحمامة ومجموعتها فتبعهن أيضا، قالت الحمامة لصديقاتها:
“إن الصياد مجدَّ للغاية في طلبكن فطِرن بكل قوة تمتلكهن، وإننا لن نطير في السماء الطلقة بل سنتوجه إلى الغابة حتى نختفى عن أنظاره، ولدي في الغابة جرذ صديق بإمكانه تخليصنا من هذه الشبكة التي أنهكت قوانا”.
اتبعت الحمامات التعليمات كما أنزلت عليهن من الحمامة الكبيرة فطرن بأقصى سرعة لديهن واختفين عن أنظار الصياد الذي يأس من أمرهن وعاد أدراجه کسير الخاطر، ومازال الغراب مستكملا الرحلة مع الحمامات حتى يعرف ما سيفعلنه، وأول ما وصلن وجهتهن أمرتهن الحمامة الكبيرة بالهبوط أرضا، ونادت على صديقها الجرذ الذي شرع في عمله الذي طلبته منه صديقته الحمامة، ولكنها طلبت منه أيضا أن يبدأ في قطع عقد صديقاتها الحمامات أولا ومن ثم هي، ولكنه سألها عن السبب فأخبرته قائلة:
“إذا بدأت بي أولا ستمل من كثرة عددنا ومن صعوبة قرضك للعقد نفسها المحكمة علينا، فستترك بعضا منهن؛ ولكن إذا تركتني أنا الأخيرة لن تمل وستنجز مهامك لتنقذني أنا صديقتك المقربة”.
الجرذ: “ولكنكِ ألا تشفقين على حالكِ؟!”.
الحمامة الكبيرة: “أشفق ولكنني تكبدت عناء كوني الكبيرة عليهن، وبسبب طاعتهن لي أنجانا الله سبحانه وتعالى من هذا الكرب العظيم، فلهن حق علي أن أوفر لهن الأمان والحماية وأفضلهن على نفسي”.
تمكنت جميع الحمامات من العودة إلى أدراجهن آمنات سالمات…
إن بالاتحاد تتحقق المعجزات، فباتحاد الحمامات سويا تمكن من النجاة بأرواحهن جميعا، ولو فكرت كل واحدة في إنقاذ نفسها فقط دون التفكير في غيرها لهلكنا جميعا، وكم من القصص الجميلة التي تبين ضرورة التحلي بالاتحاد وفي نهايتها تكون النصرة.