قصه الخيطان
انت في الصفحة 2 من صفحتين
فصعدت المنارة ، وجعلت أنظر إلى باب داره ، وأنا أتكلم على عادتي قبل الأذان ، هل أرى المرأة قد خرجت ، ثم أذنت فلم تخرج ، ثم صممت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة حتى يتحقق الصباح
فبينا أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا ، إذ امتلأت الطريق فرساناً ورجالا وهم يقولون : أين الذي أذّن هذه الساعة ؟!
فقلت: ها أنا ذا ، وأنا أريد أن يعينوني عليه !!
فقال : انزل ؟
فنزلت
فقال : أجب أمير المؤمنين ؟
فأخذوني ، وذهبوا بي لا أملك من نفسي شيئاً حتى أدخلوني عليه ، فلما رأيته جالساً في مقام الخلافة ارتعدت من الخۏف وفزعت فزعاً شديداً
فدنوت
فقال لي : ليسكن روعك ، وليهدأ قلبك ، وما زال يلاطفني حتى اطمأننت وذهب خۏفي فقال : أنت الذي أذّنت هذه الساعة ؟
قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال : ما حملك على أن أذّنت هذه الساعة ، وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه ، فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلي وغيرهم ؟!
فقلت: يؤمِّنني أمير المؤمنين حتى أقُصَّ عليه خبري؟
فقال : أنت آمن.
فذكرت له القصة
قال : ڠضب غضباً شديداً ، وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته على أي حالة كانا !
فأُحضرا سريعاً فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات ، ومعهنّ ثقة من جهته أيضاً ، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو والصفح عنها والإحسان إليها ، فإنها مكرهة ومعذورة ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال : له كم لك من الرزق ؟ وكم عندك من المال؟ وكم عندك من الجوار والزوجات ؟
فذكر له شيئاً كثيراً.
فقال له : ويحك ، أما كفاك ما أنعم الله به عليك ، حتى انتهكت حرمة الله ، وتعديت حدوده ، وتجرأت على السلطان ؟!
فلم يكن له جواب !!
فأمر به فجعل في رجله قيد ، وفي عنقه غلّ ، ثم أمر به فأُدخل في جوالق [وعاء] ثم أمر به ، فضړب بالخناجر ضرباً شديداً ، ثم أمر به فألقي في دجلة .
فكان ذلك آخر العهد به !
ثم قال لذلك الرجل الصالح الخياط : كلما رأيت منكراً صغيراً كان أو كبيراً فأعلمني ، فإن اتفق اجتماعك بي ، و إلا فعلى ما بيني وبينك الأذان ، فأذِّن في أي وقت كان ، أو في مثل وقتك هذا .
قال: فلهذا لا آمر أحداً من هؤلاء الدولة بشيئ إلا امتثلوه ، ولا أنهاهم عن شيئ إلا تركوه خوفاً من المعتضد ، وما احتجت أن أؤذن في مثل تلك الساعة 💜💙